الحيوان مأكول اللحم فصار جلّالا أو غير مأكول اللحم من الطيور أو غيرها ،
والقول بالمنع عن هذا السؤر مع طهارة ذيه كما عرفته عن المرتضى [١] كالقول
بنجاسته كما عرفت نقله عن القاضي [٢] ـ فيما حكي عن كاشف اللثام ـ [٣] كالمحكيّ عن
الإصباح [٤] من نجاسة سؤر جلّال الطيور ، ممّا لا يعرف له وجه ، كما
اعترف به غير واحد وحكي أيضا عن جمع.
وربّما نقل
الاستدلال عليه : بأنّ رطوبة أفواهها تنشأ من غذاء نجس فيجب الحكم بالنجاسة.
وقد يحتمل
الاستدلال عليه أيضا بما دلّ من الأخبار على نجاسة عرق الجلّالة ، كخبر هشام بن
سالم عن أبي عبد الله قال : « لا تأكلوا لحوم الجلّالات ، فإن أصابك من عرقها
فاغسل » [٥] بناء على ما في حاشية الوسائل من مصنّفه [٦] ـ على ما حكي
ـ « من أنّهم أجمعوا على تساوي حكم العرق والسؤر هنا ، بل في جميع الأفراد ،
والفرق إحداث قول ثالث ».
وبملاحظة ما
ذكر في الخبر من المنع عن أكل لحوم الجلّالات أمكن الاستدلال عليه أيضا بأخبار ما
لا يؤكل لحمه ـ ولو من جهة المفهوم ـ كما علم من طريقة الشيخ في غير مأكول اللحم [٧] ، بناء على
أنّ المراد في مورد المفهوم المذكور ما يعمّ المنع العرضي.
وفي جميع هذه
الوجوه ما لا يخفى من الضعف والاعتساف المخرج عن الإنصاف ، فإنّ الاستحالة
المغيّرة للعنوان رافعة لحكم النجاسة كما في غير المقام ، مع ما فيه من
[٥]الوسائل ١ : ٢٣٣
ب ٦ من أبواب الأسآر ح ١ ـ الكافي ٦ : ٢٥٠ / ١.
[٦] هكذا في هامش
الوسائل ١ : ٢٣٣ عن مصنّفه : « استدلّ علماؤنا على كراهة سؤر الجلّال بحديث هشام
وأحاديث ما لا يؤكل لحمه ، ودلالة الثاني ظاهرة واضحة ودلالة الأوّل مبنيّة على
أنّهم أجمعوا على تساوي حكم العرق والسؤر هنا ، بل في جميع الأفراد ، والفرق إحداث
قول ثالث ، وأيضا فإنّ بدن الحيوان لا يخلو أبدا من العرق إمّا رطبا وإمّا جافّا ،
فيتّصل السؤر به ، فحكمه حكمه ، وعلى كلّ حال فضعف الدلالة منجبر بأحاديث ما لا
يؤكل لحمه » انتهى.
[٧] التهذيب ١ : ٢٢٤
ذيل الحديث ٦٤٢ ، حيث قال : « قوله : « كلّ ما اكل لحمه يتوضّأ بسؤره ويشرب » يدلّ
على أنّ كلّ ما لا يؤكل لحمه لا يجوز التوضّؤ به والشرب منه الخ ».