ثمّ قضيّة
إطلاق ما تقدّم من الأخبار المشار إليها وفتاوي الفقهاء وتخصيصهم الأكل والشرب
باستثناء حال الضرورة ، عدم الفرق في عدم جواز استعمال الماء النجس في الطهارة بين
حالتي الاختيار والاضطرار ، بل هو المصرّح به في كلام غير واحد ، مصرّحين بانتقال
التكليف مع الاضطرار إلى التيمّم ، بل لم نقف في ذلك على مشكّك ولا مصرّح بالجواز
مع الاضطرار ، عدا الخوانساري في نفيه البعد عنه ، قائلا : « وبالجملة لا شكّ في
أنّ الاحتياط في عدم التطهّر به في أكثر الصور ، نعم في بعض الصور النادرة كما إذا
لم يكن إلّا الماء النجس ويعلم المكلّف أنّ بعد التطهّر به يمكن أن يصل إلى ماء
طاهر ، ولكن لا يتيسّر له إلّا تطهير أعضائه الّتي لاقاها الماء النجس لا الطهارة
، لا يبعد أن يكون الاحتياط في الطهارة بالماء النجس ، ثمّ يطهّر الأعضاء ، ثمّ
التيمّم ، خصوصا إذا كان نجاسة الماء بما يختلف فيه لا بالمتّفق عليه » [١].
وهو كما ترى
ممّا يخالف الاصول والقواعد والنصوص ، ولا يشهد له شيء من العقل والنقل ، نعم
ربّما يؤيّده ما تقدّم في جملة الأخبار المستدلّ بها على عدم انفعال القليل
بالملاقاة ، من صحيحة عليّ بن جعفر قال : وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في
الماء أيتوضّأ منه للصلاة؟ قال عليهالسلام : « لا ، إلّا أن يضطرّ إليه [٢] ، وصحيحة ابن
مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الوضوء ممّا ولغ الكلب فيه ـ إلى أن قال
ـ أيتوضّأ منه أو يغتسل؟ قال عليهالسلام : « نعم ، إلّا أن تجد غيره » [٣] وصحيحة ابن
بزيع قال : كتبت إلى من يسأله عن الغدير ، يجتمع فيه ماء السماء ، ويستقى فيه من
بئر ، فيستنجي فيه الإنسان من بول ، أو يغتسل فيه الجنب ، ما حدّه الّذي لا يجوز؟
قال فكتب : « لا تتوضّأ من مثل هذا إلّا من ضرورة إليه » [٤] ، ودلالة هذه
الروايات على ما توهّمه من الجواز واضحة ، لكن لا على التفصيل الّذي ذكره ، ولو لا
مخالفة الإجماع وإعراض الأصحاب عنها لما كان المصير إليها بعيدا ، فهي حينئذ
مطروحة أو مؤوّلة ، لقوّة احتمال أن يراد بالضرورة والاضطراب موجب التقيّة كما
تقدّم بيانه في الباب المشار إليه ، مع انطباق