ذلك لمن لاحظ عبارة المقنعة ، سيّما وقد قرن الحياض والأواني في تلك
العبارة بالبئر ، مع أنّ مذهبه فيها النجاسة وإن بلغت كرّا » [١].
والحقّ كما
فهمه رحمهالله ، ضرورة عدم كون الاستظهار المذكور في محلّه ، لكونه
ممّا يأبى عنه العبارة المحكيّة عن المقنعة ، الظاهرة كالصريح بل الصريحة فيما
أسند إليه من المخالفة.
فإن شئت لاحظ
قوله : « وإذا وقع في الماء الراكد شيء من النجاسات وكان كرّا وقدره ألف ومائتا
رطل بالبغدادي ، وما زاد على ذلك لم ينجّس إلّا أن يتغيّر به ، كما ذكرنا في
المياه الجارية ، هذا إذا كان الماء في غدير أو قليب ، فأمّا إذا كان في بئر أو
حوض أو إناء فإنّه يفسد بسائر ما يموت فيه من ذوات الأنفس السائلة ، وبجميع ما
يلاقيه من النجاسات ، ولا يجوز التطهّر به حتّى يطهّر ، وإن كان الماء في الغدران
والقلبان دون ألف رطل ومائتي رطل جرى مجرى مياه الآبار والحياض الّتي يفسدها ما
وقع فيها من النجاسات ، ولم يجز الطهارة به » [٢] انتهى.
والدليل على
كون ذلك صريحا أو ظاهرا في غير ما فهمه الجماعة امور :
منها
: ما نبّه عليه
صاحب الحدائق كما عرفت.
ومنها
: ما استدركه
بقوله : « هذا إذا كان الماء في غدير أو قليب ، فأمّا إذا كان في بئر أو حوض أو
إناء إلخ » ، فإنّه استدراك عمّا فرضه أوّلا من موضوع المسألة وهو الكرّ ، وخصّه
بما كان في غدير أو قليب نظرا إلى أنّ الماء في قوله : « هذا إذا كان الماء »
بقرينة سبق الفرض في خصوص الكرّ أراد به ذلك المفروض ، وإلّا لكانت الإشارة ودعوى
الاختصاص كذبا ، فيكون الضمير في قوله : « فأمّا إذا كان في بئر إلخ » عائدا إلى
ذلك الّذي اريد منه الكرّ ، وإلّا لما حصلت المطابقة بين الضمير والمرجع إلّا
بتأويله إلى نوع من الاستخدام ، وهو كما ترى.
ومنها
: قوله : « وإن
كان الماء في الغدران والقلبان دون ألف رطل ومائتي رطل » فإنّه عطف على قوله : «
وإذا وقع في الماء الراكد » باعتبار ما اخذ فيه من قيد الكرّيّة ، فلو لا الحكم في
المعطوف عليه مخصوصا بالغدران والقلبان ولم يكن الكرّ من الحياض