فيها في الصفات الأصليّة ، فإنّ الحكم معلّق على لون الماء وطعمه ورائحته ،
ولا شيء من الصفات العارضيّة بلون الماء ولا طعمه ولا رائحته ، فلا يشمله إطلاق
الأدلّة ولا عمومها ، وأقلّه الشكّ في الشمول فيرجع إلى الاصول ، ففي مقام التطهير
يحكم بعدم المطهّريّة لاستصحاب الحالة السابقة من حدث أو خبث ، وفي مقام الاستعمال
في مشروط بالطهارة يحكم بها استصحابا لها ، والأقوى عدم الفرق فيه بين الحكم بكونه
مطهّرا أو طاهرا ، للأصل المستفاد من العمومات حسبما تقدّم ، فإنّ كلّا من الأمرين
يدوران على المائيّة والنجاسة إن كانت مانعة ، وحيث لم تكن يرتّب عليه أحكام الماء
مطلقة ، لصدق الاسم وعدم قيام المانع.
الخامس
: بما قرّرناه من الفرع يعلم الحال فيما
لو لم يكن النجاسة باقية على وصفها الأصلي ، وكان التغيير القائم بها مستندا إلى وصفها العارضي ، كما
لو القي فيها وهو بول صافي شيء من الزعفران ، فإذا القيت في الماء أورثت فيه لون
الزعفران أو رائحته وهي باقية على اسم البول ، فقضيّة الأصل المذكور بقاؤه على
كونه طاهرا ومطهّرا ، مع اعتضاده في الأوّل باستصحاب الحالة السابقة.
السادس
: إذ قد عرفت أنّ المعتبر في تنجيس الماء
تغيّر وصفه المستند إلى وصف النجاسة الواقعة لا مطلقا ، ففي كون المعتبر في تأثير وصف النجاسة فيه وجود العين
وبقاؤها حين تأثير الوصف وعدمه وجهان ؛ لعدم ثبوت اشتراط وجود العين حين تأثير
الوصف بدلالة الشرع عليه ، فالأصل يقتضي عدم الشرطيّة ؛ ولأنّ احتمال الاشتراط
محقّق لموضوع أصل الطهارة ، وموجب للشكّ في اندراج المقام في أدلّة الباب ولازمه
الرجوع إلى الاصول ، نظرا إلى أنّه لم يعلم من تلك الأدلّة إطلاق بحيث أوجب شمولها
المقام وهذا أقرب ، والله العالم.
السابع
: إذا كانت النجاسة في صورة موافقة الماء
لها في الصفات أشدّ وصفا من الماء ، بحيث لو القيت فيه لأوجبت زيادة في وصفه الأوّلي العارضي ، ففي كون ذلك من
التغيّر المقتضي لنجاسة الماء وعدمه وجهان ، منشؤهما الشكّ في أنّ حدوث الزيادة في
الوصف العارضي للماء هل هو تغيّر له في وصفه الأصلي حتّى يندرج في أدلّة المسألة ،
أو تغيّر في وصفه العارضي حتّى يخرج عن تلك الأدلّة بضابطة ما قدّمنا ذكره.