وإن صحّ ذلك ،
فإنّه يحكي عن عُمق النفرة من السلطان وما يجري حوله ، وأنّه إنّما فعل ذلك حتّى
لا يتورّط هو وابنه في دنياهم ، واختار بذلك البُعد عنهم.
وكما يظهر من
مقدّمة كتابه هذا عدم ارتياحه مما يجري حوله ، وقبح ذلك الزمان الذي يعيشه بغلبة
أحزاب الشيطان ، ورفع أعلام الجهل والطغيان ، وإدبار آيات العلم والعرفان ، حتّى
كاد أن يكون أيّام الجاهليّة ، فانظر مقدّمة المؤلّف.
وانتهى المحدّث
النوري إلى ما انتهيت إليه من حقيقة العلاقة التي كانت بين السلطان والميرزا ،
فقال في خاتمة المستدرك : كان يعني الميرزا مؤيّداً مسدّداً ، كيّساً في دِينه ،
فطناً في أُمور آخرته ، شديداً في ذات الله ، مجانباً لهواه ، مع ما كان عليه من
الرئاسة ، وخضوع ملك عصره وأعوانه له ، فما زاده إقبالهم إليه إلّا إدباراً ، ولا
توجّههم إليه إلّا فراراً.
وغاية ما ثبت
من تعاطف الميرزا القمي مع البلاط هي فتواه بوجوب الدفاع مقابل هجمات الروس على
إيران ، كما يظهر من بعض كتبه في باب الجهاد.
كراماته
إن كرامات
الميرزا القمي كثيرة ومشهورة ، وقبره في مقبرة شيخان مقابل مقبرة زكريا بن آدم في
قم يزوره العموم ويتبركون به ، وخصوصاً أرباب الحوائج ، ومعروف أنّ الدعاء عند
قبره والتوسّل به من أجل الظفَر بالحوائج وأداء الديون وغيرها مستجاب ومجرّب
وذائع.
ومن الكرامات
العجيبة المنقولة عنه : أنّه وجد شيخ من أهل قزوين معتكفاً عند قبر الميرزا ويقرأ
القرآن ويبكي ، فلمّا سُئل عن ذلك قال : إنّي متأثّر لأنّي ما عرفت قدر الميرزا
القمي ومنزلته إلا متأخّراً ، وسرعان ما فقدته ، فإنّي خرجت حاجّاً قبل وفاة
الميرزا بعام ، وقد سافرت بحراً ، فاتفق أن رآني شخص وأنا أعدّ أموالي وأرتبها في