وقد جمع بعضهم
بين الأخبار بالتخيير ، أو بحمل الموجبة على ما إذا تضرر بغسل ما حول الجرح [٢]. وبعضهم بين الأقوال ، بحمل قولهم في التيمّم على من
استوعبت الجبيرة عضوه ، أو على من كان عذره مرضاً غير الجرح والقرح والكسر [٣].
وأنت خبير بأنّ
أكثر ما ذكر لا يتمّ بالنظر إلى الأخبار ولا كلام الأصحاب ، فإنّ مطلق الأخبار
يُحمل على المقيّد ، وكذلك مطلق كلام الأصحاب ، فإنّ مرادهم من إطلاقهم كون الجرح
والقرح سبباً للتيمّم هو بيان السبب في الجملة ، لا في جميع الأحوال بقرينة
إجماعهم وسائر تصريحاتهم.
وعمدة ما
أوقعهم في هذا التوهّم : هو ما ذكره الشيخ في المبسوط والخلاف ، والعلامة في
المنتهي والتذكرة ، وغيرهما ، قال في المبسوط : ومن كان في بعض جسده أو بعض أعضاء
طهارته ما لا ضرر عليه ، والباقي عليه جراح أو ضرر في إيصال الماء ، جاز له
التيمّم ، ولا يجب عليه غسل الأعضاء الصحيحة ، وإن غسلها وتيمّم كان أحوط ، سواء
كان الأكثر عليلاً أو صحيحاً ، ذكر ذلك في مبحث التيمّم بعد ما ذكر في مبحث الوضوء
أحكام الجبيرة على ما تقدّم من التفصيل [٤] ، وفي معناه سائر العبارات [٥][٦].
وظنّي أنّ ذلك
ليس مخالفة لسابقه ، بل هو ردّ على العامة ، حيث ذهب أبو حنيفة