و امّا الكرّ فله في الأخبار تحديدان أحدهما بحسب المساحة و الآخر
بحسب الوزن أمّا بحسب المساحة ففيها أخبار مختلفة فبعضها يدل على اعتبار بلوغ كلّ
من أبعاده الثلاثة الطول و العرض و العمق ثلاثة أشبار و نصف مثل ما رواه في
الاستبصار عن الحسن بن صالح الثّوري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إذا كان
الماء في الرّكيّ كرّا لا ينجّسه شيء قلت:
و كم الكرّ قال: ثلاثة أشبار و نصف طولها في ثلاثة أشبار و نصف عمقها
في ثلاثة أشبار و نصف عرضها[1].
و الرّواية و ان كانت ضعيفة السّند الّا أنّ الأصحاب اعتمد و أ عليها
و عملوا بها.
و اشتمالها على ما لم يقل به أحد- و هو اعتبار الكرّية في عدم انفعال
ماء البئر- غير ضائر لإمكان حمل هذه الجملة بالخصوص على التقيّة و لا يلزم من ذلك
حمل تمام الخبر عليها مع أنّه لا وجه له لعدم اعتبار الكرّية عند العامة في عدم
الانفعال بل الماء غير المنفعل عندهم القلّة و القلّتان و عند بعضهم أنّ مطلق
المياه لا ينفعل حتّى القليل مضافا الى أنّ الرّكوة بحسب تفسير بعض أهل اللغة هو
الحوض الكبير فلا يلزم أن يكون بئرا. و استشكل في الرّواية أيضا بعدم ذكر الطول في
نسخ الكافي و انّما ذكر الطول في نسخ الاستبصار فقط فحينئذ ذكر فيها البعد أن
برواية الكافي و هو مخالف للإجماع فتسقط الرواية عن الاعتبار و الجواب عنه أوّلا
أنّه إذا دار الأمر بين احتمال النقيصة و الزّيادة فاحتمال النقيصة أولى لأنّ
النّسيان يصير غالبا سببا للنقيصة لا للزّيادة.
و ثانيا أنّه لو فرض عدم ذكر أحد الأبعاد فلا يضرّ بالمقصود فانّ
المراد بالعرض هو السّطح أعم من الطول و العرض لا خصوص العرض المقابل للطّول و
يشهد لذلك عدم ذكر الأبعاد الثّلاثة في جميع أخبار الكرّ بحسب تحديده بالمساحة بل
ذكر فيها البعدان فقط
[1]- جامع الأحاديث الباب 7 من أبواب المياه
الحديث 2