وربما تقتضي المصالح ترك بيع السلاح وغيره مما يتقوى به الكفار مطلقا سواء كان موقع قيام الحرب أو التهيؤ له أم زمان الهدنة والصلح والمعاقدة ، أما في الأولين فواضح ، وأما في الأخيرة فحيث خيف علي حوزة الاسلام ولو آجلا بأن احتمل أن تقويتهم موجبة للهجمة على بلاد المسلمين والسلطة على نفوسهم وأعراضهم ، فنفس هذا الاحتمال منجزة في هذا الأمر الخطير ، لا يجوز التخطي عنه فضلا عن كون تقويتهم مظنة له أو في معرضه ، ولا فرق في ذلك بين الخوف على حوزة الاسلام من غير المسلمين أو علي حوزة حكومة الشيعة من غيرها ، كانت المخافة عليها من الكفار أم المخالفين ، فلو كانت للشيعة الإمامية حكومة مستقلة ومملكة كذلك كما في هذه الأعصار بحمد الله تعالى ، وكانت للمخالف أيضا حكومة مستقلة وكان زمان هدنة ومعاقدة بين الدولتين لكن خيف على المذهب ودولته منهم ولو آجلا ، لا يجوز تقويتهم ببيع السلاح ونحوه . وبالجملة أن هذا الأمر من شؤون الحكومة والدولة وليس أمرا مضبوطا بل تابع لمصلحة اليوم ومقتضيات الوقت ، فلا الهدنة مطلقا موضوع حكم لدى العقل ولا المشرك والكافر كذلك ، والتمسك بالأصول والقواعد الظاهرية في مثل المقام في غير محله ، والظاهر عدم استفادة شئ زائد مما ذكرناه من الأخبار ، بل لو فرض اطلاق لبعضها يقتضي خلاف ذلك ، أي يقتضي جواز البيع فيما خيف الفساد وهدم أركان الاسلام أو التشيع أو نحو ذلك : لا مناص عن تقييده أو طرحه ، أو دل على عدم الجواز فيما يخاف في تركه عليهما كذلك : لا بد من تقييده وذلك واضح . فمن الأخبار حسنة أبي بكر الحضرمي أو صحيحته [1] قال دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فقال له حكم السراج ما تقول فيمن يحمل إلى الشام السروج وأداتها فقال : لا بأس ، أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إنكم في هدنة فإذا كانت المباينة حرم عليكم أن تحملوا إليهم السروج والسلاح ، ورواية هند السراج [2] قال :
[1] الوسائل - كتاب التجارة - الباب 8 - من أبواب ما يكتسب به الثانية ضعيفة بأبي سارة وغيره . [2] الوسائل - كتاب التجارة - الباب 8 - من أبواب ما يكتسب به الثانية ضعيفة بأبي سارة وغيره .