ها نحن اليوم سنتَحَاور في الغُسل ، وسأخرج عمّا قليل بعد نهاية محاورَتي هذه ، مزهوّاً بما تعلّمته اليوم ، تيّاهاً بما حصلت عليه ، متباهياً فرِحاً بما أُوتيته ، فتطهير الجسد مِن أدرانه يستهويني ، وربّما أضفى عليه حبّي للماء ، وولهي به ، وعشقي له ، طعماً إضافيّا آخر ، ونكهة محبّبة لم تكن لولا الماء لترد أو تكون ، فأنا عاشقٌ للماء قديم ، أحببته مُذ كنت طفلاً ، أتراشق به مع أمّي ، وكلّما سنحت لي فرصة اللعب به والغطس فيه ، والتسلّي بضربه برفق على صفحَة وجهه ، والفرح بمداعبته .
وإذ تهيّأت لي فرصة تعلّم السباحة ـ والسباحة مستحبّة كما قال لي أبي ـ كنت أظمأ للماء كلّما أُبعدتُ عنه قسراً ، ظمأً ربّما قارب ظمأ سمكةٍ ولهى أُبعدت بفضاضة عن صدرِ حبيبها الماء قسْوةً وغِلظة وشراسة وعسفاً .
نعم أنا كَلِف بالماء ، مولع به ، مُنذ اكتشفت أنّه المطهّر والمنظّف ـ والنظافة من الإيمان ـ أغسل به جسدي ، وبه أغتسل .