و قد يقال: إنّ الحلّ كالحرمة حكم شرعيّ، و له قسمان تكليفيّ و وضعيّ، و بما أنّ الاستعمال في كلا القسمين: إمّا غير جائز، أو خلاف المحاورة العرفيّة، فلا بدّ من أن يراد منه أحدهما، فإمّا أن يحكم بإجمال الرواية من هذه الجهة، أو يقال: إنّ تعلّق الحِلّ بالمال غير ممكن، فلا بدّ من تقدير، و بما أنّ التقدير في تعلّق الحلّ بالذات لا يناسب إلّا التصرّفات، فيكون الحلّ حلّيّة تكليفيّة، و نتيجة ذلك عدم جواز التصرّف في مال الغير، كأكله و شربه و لبسه و غير ذلك من التصرّفات إلّا بإذنه. و أمّا البيع و الفسخ و نحوهما فلا تُعدّ تصرُّفاً في المال حتّى تكون الرواية ناظرة إليها.
و بعبارة اخرى: أنّ التصرّف المناسب تقديره من جهة تعلّق الحكم بذات المال نفسه غير مناسب إلّا للحكم التكليفيّ، و ما هو المناسب للحكم الوضعيّ ليس من قبيل التصرّف في المال، فالمتعيّن كون الحكم تكليفيّاً لا غير، فلا يمكن التمسّك بالرواية في ما نحن بصدده، فإنّ الكلام في المقام في الحكم الوضعيّ [1]، كما لا يخفى.
و لا بدّ لنا في الجواب عن ذلك من ملاحظة أنّه:
أوّلًا: هل استعمال الحِلّ في القسمين المذكورين من قبيل استعمال اللفظ في أكثر من معنىً واحد، أو لا؟
و ثانياً: ما هو الظاهر من تعلّق الحكم بغير ما هو له، كالذات في المقام؟
أمّا الأوّل: فقد مرّ سابقاً: أنّ التكليف و الوضع ليسا دخيلين في الموضوع له لفظ الأحكام، و لا في المستعمل فيه تلك الألفاظ، بل الموضوع له و المستعمل فيه