بالعمل على وفق أصل أو أمارة، هل يقتضي إجزاءه عن الواقع، أم لا؟ و هذا أجنبيّ عن مسألة التصويب و السببيّة بالكليّة، فإنّ صِرف اكتفاء الشارع بما أتى به المكلّف عن الواقع لا يقتضي ذلك؛ أ ترى أنّه لو قلنا بجريان قاعدة «لا تعاد» [1] في الشبهات الحكميّة كما هو الحقّ [2] لالتزمنا بالتصويب، أو نقول بأنّ الشارع في مقام الامتثال يكتفي بما أتى به المكلّف عن واقعة و إن كان مخالفاً له؟!
الإجزاء في موارد الأُصول و الأمارات
و المشهور بينهم الإجزاء في موارد الأُصول و الأمارات [3]، و دليلهم ما ذكرنا: من أنّ معنى إذن الشارع و إجازته في العمل على وفق ذلك الإجزاء و الصحّة، و لكنّا فصّلنا في محلّه بين الأُصول و الأمارات [4] من جهة لسان الدليل، ففي باب الأُصول لسان التنزيل و جعل المصداق للواقع تعبّداً و إن لم يكن مصداقاً له واقعاً، فمعناه أنّ المكلّف متعبّد بترتيب آثار الواقع على ذلك، فإنّه هو بحكم الشارع، و لا نعني بالأجزاء إلّا هذا، فقوله (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم): «رفع ما لا يعلمون» [5] دالّ على أنّ القيود المشكوك فيها شرطاً أو جزءاً أو مانعاً و هكذا الأحكام المشكوك فيها مرفوعة، و حيث إنّه لا يمكن القول بذلك بحسب الواقع، فإنّه مخالف لضرورتنا، فلا بدّ لنا من الالتزام بالادّعاء و التعبّد فيه، و حيث إنّه لا بدّ للادّعاء من مصحّح، و ليس ذلك إلّا
[1] الفقيه 1: 225/ 991، تهذيب الأحكام 2: 152/ 597، وسائل الشيعة 4: 934، كتاب الصلاة، أبواب الركوع، الباب 10، الحديث 5.
[2] الخلل في الصلاة، الإمام الخميني (قدّس سرّه): 10 و 11.
[3] انظر مفاتيح الأُصول: 127، و الفصول الغرويّة: 116 في النسبة إلى الأكثر.