ثمّ لو بنينا على اعتبار القبول في حقيقة البيع، فقد فصّل الشيخ (رحمه اللَّه) بين إنشاء القبول بمثل «اشتريت» أو «ابتعت» أو «ملكت» و نحوها، و بين إنشائه بمثل «قبلت» أو «رضيت» ممّا يدلّ على مطاوعة الفعل؛ بجواز التقديم في الأوّل [1] و عدمه في الثاني [2].
و ذكر في وجه الجواز في الأوّل: أنّ الإنشاء بمثل ذلك ليس إلّا على نحو إنشاء البائع بقوله: «بعت»، فكما أنّ «بعت» من البائع نقل ماله إلى المشتري، كذلك «ابتعت» من المشتري؛ نقل مال البائع إلى نفسه، و كما يمكن تقديم «بعت» على «ابتعت» كذلك يمكن العكس.
و ذكر في وجه عدم الجواز في الثاني أمرين:
أحدهما: أنّ القبول مطاوعة الفعل، و المطاوعة لا تعقل إلّا مع تقديم الفعل عليه، و هذا كالكسر و الانكسار.
و ثانيهما: أنّ الأثر في المعاملة يحصل بالقبول، فلا بدّ من تأخيره، و إلّا لزم الانفكاك و حصول الأثر بعد الإيجاب [3].
أقول: لو سلّمنا اعتبار القبول في المعاملة، فلا نسلّم اعتباره من خصوص المشتري؛ لعدم الدليل عليه، بل مع حصول إنشاء المعاملة من كلّ من الطرفين و قبول الآخر تتمّ حقيقتها، فعلى ذلك القسمُ الأوّل من القبول المذكور في كلامه (رحمه اللَّه) خارج عن محلّ البحث، فإنّه ليس من تقديم القبول على الإيجاب، بل