و أمّا الكلام في لزوم تقديم الإيجاب على القبول، أو الموالاة بينهما، أو التطابق بينهما، و نحو ذلك، فمتفرّع على القول بلزوم القبول في البيع، و قد مرّ سابقاً مفصّلًا: أنّه لا دليل على ذلك، بل البيع ليس إلّا المبادلة بين المالين، أو التمليك بالعوض، و ليس هذا إلّا معنى الإيجاب، و لزوم القبول إنّما هو للدلالة على رضا القابل بالمعاملة، و إلّا فليس دخيلًا في حقيقتها [1]، فلو كان أحد وليّاً للطرفين أو وكيلًا عنهما، و بادل بين مالهما بقوله: «بادلت هذا بهذا»، و زوّجهما بقوله: «زوّجتك إيّاها»، لا يحتاج إلى قبول أبداً، فبالإيجاب تتمّ المعاملة، و نحتاج في ترتّب الأثر عليها إلى رضا الآخر، فمع إحرازه سابقاً أو مقارناً أو لاحقاً يترتّب عليها.
الكلام في جواز تقديم القبول على الإيجاب في البيع و عدمه
و ليعلم قبل بيان ذلك: أنّ الحاجة إلى القبول في العقد، هل هي من جهة توقّف العقد عليه؛ و كونه ركناً له، أو لا، بل شأن القبول ليس إلّا الكشف عن رضا القابل بالمعاملة؟
و قد تقدّم: أنّ حقيقة البيع ليس إلّا المبادلة بين المالين على ما اخترناه [2]، أو التمليك بالعوض على ما اختاره الشيخ (رحمه اللَّه) [3] و لم يؤخذ في شيء منهما القبول بل المبادلة أو التمليك هو شأن الإيجاب فقط، فلو اختار البائع و المشتري معاً وكيلًا لهما لنقل مال البائع إلى المشتري بعوض منه فأنشأ الوكيل المعاملة بقوله «بادلت